السبت، 15 مارس 2008

دماؤنا في رقبة حكومة أبو حصيرة!!!


بقلم: د. محمد جمال حشمت

لا أدري ما شكل التقارير التي تُرفع للمسئولين في الدولة التي يسيطر عليها نظام الحزب الوطني الديمقراطي ويرأسه الرئيس مبارك عن أحوال المصريين المعيشية والمادية والنفسية والتي أضرَّت بأحوالهم الاجتماعية والثقافية والعلمية داخل مصر وخارجها!! ولأنه ليس هناك أي رد فعل طوال كل هذه الأعوام لمحاولة تحسين هذه الظروف والأحوال بل زادت حدة التدهور على كل المستويات، فلم أستطع أن أتخيل كيف لمسئولٍ أن يعلم بكل هذا الفساد دون أن يحسم مواجهته؟ ضحايا الطرق الذين لا ذنبَ لهم في وسيلة مواصلات غير مناسبة أو طريق غير ممهد! ضحايا الأمراض المعدية التي تصيب الشعب بسبب خارج عن إرادتهم من مياه ملوثة وزراعات تشبَّعت بالمبيدات والهرمونات وصرف صحي لم ينصرف بل أحاط بهم من كل جانب! ما ذنبهم؟ خاصةً أن فرص العلاج الآدمية غير متوفرة وتعاني عجزًا شديدًا في الإمكانيات بل وإهمالاً من النظام المتسبب في كل ما يعانيه الشعب المصري منذ أكثر من خمسين عامًا!! لا أتصور إنسانًا يحمل صفات إنسانية من الرحمة والحب والود والشهامة والشفقة والمروءة وبعض من الرجولة يطالع كل هذا الحرمان الذي يحياه الشعب المصري ولا يتحرك وهو مسئول!!.

كيف ينام المسئولون وقد أقدم آلاف من المصريين على الانتحار بإرادتهم هروبًا من فشلهم في حماية أبنائهم وأسرهم من الفقر والحرمان أو فشلهم في توفير الحد الأدنى لمعيشةٍ تحفظ لهم كرامتهم!! كيف ترفع لهم التقارير حالة الغضب التي تلف حياة المصريين المطالبين برفع رواتبهم في ظل زيادات مطردة للسلع الغذائية تزيد من أعداد الفقراء الذين تجاوز عددهم 80% من الشعب المصري؟!!!.

قالوا لنا إن غياب المسئولين عن الوجود وسط الشعب هو دليل إحساسهم المرهف بهذا الغضب لذا فهم لا يزورون وإن زاروا ففي حراسة أمنية مشددة إرهابًا للناس وحمايةً لهؤلاء المكروهين! وقد يتم اعتقال كل الموجودين في محيط الزيارة وإبراز المتواطئين من المخبرين والمستذلين أمام الزائر استمرارًا لحالة الغش والخداع والكذب التي يحيا فيها هؤلاء المسئولون!! أما كرامة الشعب المصري فقد أهدرها النظام الحاكم يوم تنازل هو عن كرامته أمام الغرب والشرق حتى خف وزنه الإقليمي والدولي فلم يجد غير شعبه يستأسد عليه فاستأسد!! فماذا فعل بالجواسيس الصهاينة؟! أفرج عنهم واحدًا تلو الآخر بعد أن بال بعضهم على ممثلي القضاء والشرطة أثناء محاكمته! ماذا فعل لمَن قتل المصريين الأسرى في حربي 56 و67 بعد أن شاهدنا جميعًا قتلهم ودهسهم بدم بارد في أفلام من صنع العدو بل واعترف مجرموهم بذلك؟!.

لا شيء وقد خاطبنا عمرو موسى يوم كنا في زيارته نوابًا للشعب عن فتح ملف الأسرى قال بالكلمة إن الملف قد اكتمل منذ سنوات إلا أن قرارًا أجل النظر فيه!! ثم يأتي أبو الغيط ليدعي أنه في حاجة لأدلة ومستندات قبل البدء في رفع القضية!! وماذا فعل أبو الغيط الذي هدد بكسر رجل كل فلسطيني يقتحم حدود مصر! بينما قتل أبنائنا وبناتنا يحدث يوميًّا بأيدي الصهاينة وآخرهم سماح ناير مسلم 14 عامًا يوم الخميس 28 فبراير 2008م، ولم نسمع له صوتًا ولا لنظامه المستسلم لأعداء الأمة! كما لم نسمع عندما قُتل جنود ومدنيون مصريون من قبل برصاص صهيوني في الرأس أو الصدر!!!.

كيف لا يغضب هؤلاء حتى ولو تمثيلاً ونفاقًا للشعب أو لما تبقى من كرامتهم أمام شعوبهم!! لقد هان الشعب المصري في نظر هؤلاء الحكام المتورطين في تعذيب وتجويع وإذلال الشعب بكل أفراده!! حتى استجابته لإصلاح أحوالهم بطيئة مشروطة بوجهة نظرهم وإلا فلا!! حفاظًا على هيبة خادعة كاذبة يهيمون فيها بعد أن فقدوا هيبتهم وكرامتهم أمام الأجنبي! وإلا فلماذا لم يفعلوا كما فعلت كل الدول التي تحيا في مستوى أعلى من مستوى الشعب المصري!! فقد رفعت السعودية والكويت والأردن والإمارات مرتبات العاملين بدولهم حتى المتعاقدين منهم في محاولةٍ لمعادلة زيادة الأسعار، أما في مصر فالأسعار تزداد بفعل الحكومة وشركاتها العامة ولتخلف رقابتها وغيبة محاسبتها للمقصرين منها! ورغم كل الاعتصامات التي لجأت إليها كل الفئات، فإن استجابة النظام بطيئة ومستعلية بحيث لا نرى في الصورة إلا الشرطة ورجال الأمن الذين باعوا أنفسهم ومستقبلهم للفساد والاستبداد حمايةً للظلم والظالمين حتى لو استلزم الأمر الاعتداء على الشعب وكرامته الذين أقسموا على حمايته! بل تقوم فلسفة وجود الأمن ذاته على الحفاظ على أمن الشعب ومصالحه!!.

فكيف نفسر هذا البرود بل هذه الاستهانة بنا من هذه الحكومة؟ وكيف تكتب التقارير عن هذا الهوان الذي نحياه؟ وكيف يقرأ الحكام هذه التقارير؟ لماذا تهتم الحكومة بحماية الصهاينة على الحدود وفي مولد أبو حصيرة في نفس الوقت الذي تحاصر فيه المصريين وتهينهم؟ لماذا غاب تحت المقاعد وزراء مصر وحكامها عندما قصفت حكومة الكيان الصهيوني غزة وقتلت الشعب الفلسطيني ولم نسمع لهم صوتًا بعد أن استأسدوا على الفلسطينيين المحترمين الجوعى عندما دخلوا مصر وأنفقوا مليار جنيه في بضائع لا يزيد سعرها الحقيقي بعد مكسبها عن 200 مليون جنيه وهددوهم بكسر أقدامهم إن حاولوا الدخول مرة أخرى!!! ما يحدث للفلسطينيين الآن من حصار واعتداءات وحرمان من الحياة بمشاركة مصرية ذنبه في رقاب حكام مصر ومسئوليها وصحفييها الذين حرضوا عليهم وهاجموهم واتهموهم بما ليس فيهم ليثيروا الشعب المصري ضد الفلسطينيين حمايةً للأمن القومي المصري وهم أول مَن يهدد الأمن بقراراتهم وتصريحاتهم المهترأة المتعجلة ومقالاتهم المستفزة المحرضة! ألا لعنة الله على القوم الظالمين!!.

دماؤنا في مصر وفي فلسطين ستظل في رقبة نظام أبو حصيرة الذي فقد الهيبة والقيمة والهدف تطاردهم إلى يوم الدين!! إخص عليكم يا من نعلمكم بالاسم وسيحفظ التاريخ أسماءكم على لوحة العار وستلعنكم على الدوام أمة المليار، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
-------------------
*
drhishmat@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: